شرح الصلاة الربانية أبانا = بنوتنا لله + وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه ، الذين ولدوا ليس من دمٍ ولا من مشيئة جسد ، ولا من مشيئة رجل ، بل من الله ( يو1: 12 )
+ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف ، بل أخذتم روح التبني ، الذي به نصرخ يا أبَّا الآب ، الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله ( رو8: 15 – 16 )
لنا أن نفرح ونبتهج بهذا السرّ العظيم الذي نلناه بالنعمة وهبة الله في يسوع المسيح ، إذ صرنا أولاد الله في المسيح ، وقد صارت صلاتنا ترتفع بسرّ البنوة ، فحق لنا أن ننادي الله الآب في كل صلاة باللفظ الدافئ والمحبب : أبانا
يقول القديس كبريانوس :
[ نحن نقول " أبانا " لأننا قد صرنا أبناء . كم هو جزيل وعظيم غنى هذه الصلاة الربانية : هذا الغنى مدخر لنا في كلمات قليلة ، ولكن بكثافة روحية لا تنضُب حتى أنه في هذا القول الموجز ، لا يفوتنا شيء من التعليم السماوي مما يجب أن يكون أساسياً في صلاتنا ] * والسؤال المطروح أمامنا هو : كيف نصير أبناء الله ؟!
والإجابة للقديس كيرلس الكبير فيقول بوضوح وتركيز :
[ + لقد جاء الابن وصار إنساناً لكي يحول طبيعتنا فيه هوَّ ، وابتدأ أولاً بالميلاد الذي جعله مقدساً وعجيباً ، إذ جعله ميلاداً للحياة ، فٌولِدَ هوَّ أولاً من الروح القدس ، وأنا أعني طبعاً جسده ، لكي ننال نحن هذه النعمة ، وتصل إلينا منه لكي نولد " ليس من دمٍ ، ولا من مشيئة جسد ، ولا من مشيئة رجل ن بل من الله " ( يو1: 13 )
وبالروح القدس تولد نفوسنا ميلاداً جديداً روحياً ، مشابهاً لميلاد ذاك الذي هو بالطبيعة وبالحق الابن ، وبذلك ندعو الله أباً .
ويؤهلنا هذا الميلاد الجديد أن نبقى في عدم انحلال ، لأننا امتلكنا ليس طبيعة آدم الأول الذي فيه انحللنا ، بل طبيعة آدم الثاني . وحقاً قال المسيح مرة : " لا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد هو الذي في السماوات " ( مت 23: 9 ) ، ففيه هو قد وُلِدنا ميلاداً جديداً عندما نزل إلى حالتنا لكي يرفعنا إلى كرامته الإلهية ، ولذلك قال : " أنا صاعد إلى أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم " ( يو20: 17 ) ، والآب الذي في السماء هو أبوة بالطبيعة ، ولكنه هو إلهنا نحن ، والابن يدعوه كذلك لأن الابن بالطبيعة ( حسب البشرية ) وبالحق صار إنساناً مثلنا .
ويقول عن الآب أنه إلهه حسب إخلائه لنفسه ، ولكنه أعطانا أيضاً أباه السماوي كأب لنا ، كما هو مكتوب : " وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أبناء الله أي الذين يؤمنون باسمه ( يو 1: 12 )
أما إذا أنكرنا – بسبب جهلنا – ميلاد كلمة الله الآب بالجسد مثلنا ، والذي صار " متقدماً في كل شيء " ( كولوسي 1: 18 ) ، فعلى شبه من سوف نتجدد وسوف نولد من الله بالروح ؟
ومن سيصبح الباكورة بالنسبة لنا ؟
ومن يستطيع أن يمنحنا كرامة البنوة ؟
+ هكذا أعطانا نعمة البنوة وأصبحنا نحن بذلك مولودين من الروح لأن فيه هو أولاً حصلت الطبيعة الإنسانية على هذا الميلاد الروحي ] ( المسيح واحد ف5 )
ويقول أيضاً :
[ هو يُعطي طبيعة الإنسان ما يخصه ، لكي يسمح للطبيعة الإنسانية أن تُنادي الله وتقول لهُ " أبَّا أيها الآب "
هو نفسه أخذ كل صفات الطبيعة الإنسانية ، لكي ندعو الآب فيه ونقول أيضاً " إلهي " . ولكن نحن لا ننكر عبوديتنا الطبيعية كمخلوقات ، عندما ندعو الله بالآب ، ولا يفقد الابن طبيعته الإلهية وكرامته عندما يتشبه بنا لكي يهبنا صلاحه ] ( الكنز في الثالوث : ف15 )
+ فلنا أن نصلي دائماً ونقول أبانا لأننا أبناء الله عن جدارة في الابن الوحيد ، ويقول القديس كبريانوس :
[ قال لنا الرب ، صلوا هكذا : أبانا الذي في السماوات . الإنسان الجديد المولود ثانية والراجع إلى إلهه بالنعمة ، يبادر بقوله : أبي ، لأنه صار إبناً .
فإنه أتى إلى خاصته وأما خواصه لم يقبلوه . وأما كل الذين قبلوه ، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أبناء الله ن أي أولئك الذين يؤمنون باسمه ( يو1: 12 ) ]